الأربعاء، أبريل 26، 2006

كلما تذكرت الفرح
























كلما تذكرت الفرح

أحتاج الهواء بشدة
قلبي مشنوق




قليل من الماء في الأسفل
لم يكن فعلها متاحا لغيري
ولا طعم الملح القدير كان أسخف مني
أنا أؤيد الهواء بشدة
حين يجف الطين في هذا العالم
لن يخلق الله بشرا بنفس الأخطاء
*
القطط التائهة – مثلي
تلوى ذيلها لأعلي
يدها على الإسفلت قوية
ضعيف ٌ مرور الشاحنات جوارها
ضعيف و يابس صوت الأولاد في المقابر
والنسوة اللواتي خرجن إلى الشقق المفروشة
تجنبن المسيح و القطط
القطط فقط
لم تشرب من دمي حين زجرتها
لأنها مشغولة بمراقبة الجميع سواى
وحين قبلتني في المساء وانقطع الخط
مسحت على قلبي بهدوء
أما العيال الشياطين مشجعي التراب
فلم يرحموني حين عدت مقسما إلى سبعة أجزاء غريبة
خبأوا تمثالا في قميصي
صوري العائلية التي عبثوا بها حشوها في فمي
لم أكن أعرف أسماؤهم كي أتغلب على الأسى
ولم يكن لساني فارغا كي أخرجه لهم
حتى القطط الصغيرة في الطريق تجاسرت
وملئت عينها مني . . .
أنا آكل نفسي جيدا
تقول المرأة التي اخفت وجهها مرتين أمامي لأنها بخيلة

" يا سوء الطالع
و محزن الحبوب واللعب
خربوك أول أمس بمجرد الملامسة
ثقبوا أذنيك بعيدان القمح
سلقوا قلبك قي حجر الطاحون
وحين تمهلت أكثر في الخطاي
احطوا أحجارهم على وجهك
وبكوا عليك "
*

أشعر بالبرد والأصدقاء
بائعو الورد في قصر النيل يسبون الهواء الفاسد بأصوات مرتفعة
وصورتها في الشجن القاهري
تعض على قلبي بحنان وتجري من يدي

" أبتعد عني "
العيال المقدسون يلعبون في المساء دوني
يشدون أذني

" أنت مفزوع ْ "
*
يا أولاد الليالي السيئة
ومالئي يدي بالبقع
ليس لي عنق ٌ
ولا يد ٌ تشتد في الهتاف
قلبي طري
وعيوني مسمرة على الأسفلت
أنا لا أحبكم
ولا أخرج لساني لكم في الشقق المفروشة
وحدي أجمع أعواد القصب
لا أمتصها ولا أعطيها للعطشى
.
.
.
ضعيفة ٌ أصواتنا في الليل لأننا ننسى بسرعة
الحزن . . .

كطائر أعمي أجبروه على الحسد
يحدق في البنات ويكسر خاطرهن في المواعيد السرية
والصور القديمة بالأبيض والأسود فقط . .

لا تعرفني
تبص علي من خرم الباب و تبكي
وحين أمد يدي إليها

تتأخر عني فيضعني الهواء في خلفية المشهد.

أنا التراب السيء
محب المسامير والقلق
وعدو الرخام
لا أقوى على التنهيد
ولا على مماحكة القلوب المشطورة إلى رجل ٍ وامرأة
و السريون يضربونني من كل اتجاه
يضعون دخان سجائرهم علي شفتي
ويحاولون سرقة الموت من أصدقائي بلا جدوى
.
.
.
.
كعبي يدق على الأرض بعصبية
مشغول ٌ هواء المدن بالدق أيضا
أقف في المساء مغسولا من الداخل
وعلى قلق من كل شيء قد لا يأتي بعفوية
كنت أقول للعيال في الشارع :

"أنا أخوكم في المواويل والرضاعة يا عيال
يدي على رؤوسكم جميعا
وعيوني على مشارف وردة ٍ أو أقل "
فيحشون فمي بالعصافير الميتة ويضحكون علي
*

لا بد من كفين معا
على المشنقة
أو على سور حديقة لا يهم

قريبا حين أدخل الجنة وحدي
سأدخن سجائر فخمه و آكل حمامات صاحية بمجرد التمني
أيضا لن أنسى كسر الأبواب والنوافذ وتحطيم القانون و الضحك عليه طوال الوقت .

لابد من كفين معا
في الجنازة البسيطة
أو حتى في السير على طول النظر بلا هدف لا يهم
سيجعل الهواء أصدقائي يموتون من الضحك علي
ولن ينسوا شكل النوافير البسيطة في الميدان
حتى المسامير نفسها ستهبط من الصليب وترقص مع المسيح بلا ضغائن ولا غفران

لابد من الكفين معا
هكذا يا بنتي
تضغطين بقوة الخوف من الفقد عليها
أنا . . .
اخبأ أصابعك تحت الجلد و أتنهد .
*
كلما وقفت على الأرض يعاتبني المارة
ما سحوا الأحذية الصلبة/
الأصدقاء الجيدون للنواح /
الأفكار المشروخة عن التحدث لأنثى باهظة /
العيال يضربون رؤوسهم في الحائط /
غور من هنا /
المندسون في الليل لا ينامون /
فراشات الأوبرا يفتحن الشفاه للقلق /
فيروز ترفض مقابلتي وتفضل الموت بلا قاتل /
من يوم المظاهرة ولم اسمع صوتك /
أنت نذل /
يا مجنون /
أحتاجك الآن يا أحمد /
آه يا . .

يا من ؟

الجمعة، أبريل 21، 2006

بــــــاب


بــــــــــــــــــا ب

. أحدٌ كان يريدأن يقول شيئاً
الكلُ كان يخاف التورّط
:بين الشخص والآخر كبرت المسافات
وصار التنافرُ بين الاصطلاحات من الحدّة
بحيث كفّ الجميع عن الكلام
أو أخذوا جميعاً يتكلمون دفعة واحدة
بابلو نيرودا
كان لازما لكل وقت
هو خيط الله الذي يحرك به العرائس و شعر البنات
هو أيضا الفاتح بأسماء عديدة
في الخطابات العاطفية يتم وضعه بين علامتي تنصيص من أجل مداراة الانكباب
في الأوقات السعيدة يوضع كالملح والخبز
بعيدا بمسافة أكبر من ذراع بشرية عن عتبة الدار
كي لا يدخلها المنجوس ذو الأبدية
حتى أعضاءه المدهونة بالزيت و خصره الممزق من كلام الناس الكثير عليه وعلى غيره
كان يتلهف على الملح المنزلي
يا الله يا رب العاديين
الوحل لا يتمسك بأحد
ولا بذاته
كأنكم تمرون من الخطيئة ببطء
و هو المبذول هكذا في الوقوف والمشي
يا أيها الذين أمنوا و كانوا مهزومين
ضعوا النطع في العينين
ورتبوا حقدا باردا ينمو على مهل ٍ مع الزمن
*
كان لازما من أجل الخير والشر معا
متعة الحياد وحياة السوس في اللحم الفاسد
يسمونه القادم بأسماء عديدة
وجه الولد في العجز و البنت في خيبة الأمل
طعم الحرق في الرؤيا
وبراءة القاتل والمقتول من الدم الكوني
في طريق الوردة يسمى قلع العين
في الأنين يسمى يد تزيد وتنقص
: يكتبونه في القصائد بأشكال ٍ مختلفة
يتحدث شاعر عن فراشة قد تخطت الحدود ورفعت جناحا واحدا نحو وجه الحبيبة فماتت من الفزع
يكتب أيضا أن الله اختار براهينا على القدرة ودلائل على الرحمة والعمل الطيب في الأرض ، لكن أحدا لم ير ذلك في السماوات البعيدة ومارست الملائكة الحقد من اليدين إلى اليدين وقطعت الشياطين حبالها الطويلة وحاول أحدهم أن يغرق ذات مرة فقلعت النوارس الغبية عينيه فورا لأنه حين أختار الله براهينا على القدرة ودلائل على الرحمة والعمل الطيب في الأرض ، لم يكن سكان الأعالي و الشقوق عاطفيون ليتأثروا بالبهجة ولم يكن من حل ٍ أمام الجميع سوى كتابة أسمه بأحرف معقدة مثلا على شكل شجرة تنبت من طمث مستمر و أيضا لم ير أحدا في السماوات البعيدة ذلك و لم تكف الشياطين عن تعليق القلوب على أفواه الكلام الضيق و حتى الأرض التي كانت معدة مبدئيا لاستقبال العمل الطيب لم ترحب بشكل الحروف الغريبة ولم تستطع أن تموت من الحسرة
*
*جميل ٌ جدا حين لا يتم
و أكثر جمالا من كل البكاء العاجز عند الفجر
حين يكون مكتملا
هو القدرة على القطع و تحضير المسافات بين أي كائن و آخر
رأيته ذات مرة ٍ يمر بينما كنت أدقق النظر أي شيء يتحول تدريجيا إلى الأسود
كان هواءً مكسورا كالنوافذ في الحروب العدمية
ومزاجا كافرا كمذاق السم
سميته عشر مرات متتالية
وكتبته بالصديد على عيني
حتى أني عاجز ٌ عن تفسير اللغة إلى الآن
حتى حين حاولت المرور بجواره
مُسختُ إلى شقة واسعة
أربعة غرف من عيون و آذان
بنت وولد
أب و أم
أربعة من الطريق يأتون يا رب العاديين و أنا في مكاني ، موتي عادي وحتى الحسرة لا تكفي
ينطقون به في السر
ويزورهم مرتين على الأقل في كل قمر
يحبه الولد لأنه يشبه الشكل الحقيقي للأب بعد أن يمزقه بأمواس صدئة
" وتحبه البنت لأن أمها تركتها يومين كاملين من أجل" أعظم شيء يمكن أن تحصل عليه امرأة
يحبه الزوجان كقاسم مشترك
الذل مساو ٍ للفرحة
و أن ينطلق أحدهما باتجاهٍ يعني أن على الآخر أن يتجاسر لثقب ظهره بالكلام المدبب و الاعتناء بالإثم فترة لا تنتهي
لا يأت إلى البيت زوار حقيقيون
هو وحده يشرب من ضوء الأعين و يخنق الضحكة على الشفاه
فتخدع من يريد بلون الشفة الحمراء المقلوبة
يسمونه بالأب والأم والدم الذي منه ينسل العالم
. يمسخهم شارعا وكلابا وجارا يقتل جاره من أجل الملل
لأنه المتقدم على الفعل والفاعل
و ليس بينه وبين شيء أي شيء
قادرٌ على التعكير وسادر ٌ في خطيئة البهائم
فهو أيضا متفرد بالألم
ينحت من عظم القبور عرائس مارونيت و خلاخيلا من الأعين المقلوعة
و ساعة أن يتحدر من الأزل و المحو
كشيء ذو روائح غير معروفة و أيد ٍ تطفح
يجعل العاديون له الصف طويلا ويقدمون له كؤوسا من الورق المقوي وحصيرا من صديد العين
يعطي دمه للآلات و الطرق التي تبلع المسافرين و وسخ الأظافر للتين المتروك
أحب مرة ً و مات
خفت صوته المجلجل في الجبال و بدأت الريح و الكلام الطيب عن القدرة والعمل الصالح تكنس وسخ قدميه من بلاط الشقق و حوانيت الشوارع
رائحته المسمومة تساقطت من فرط التعب والسهر على تنمية الأظافر والسكاكين ومدافع الطائرات ، وتقدم الشكل الكروي للنوايا الباهتة ليخمد الهوس
يده المفتولة من شعر البنات المكتملات في الألم تتشنج و تهبط على العاديين بحدة أخيرة
لكن واحدا
. . اثنان
. . . و عشرة الآلاف قاتل ومقتول
ذاقوا السم و تربوا على قص الأنوف من جثث الموتى و بيع الأعضاء العادية في الشارع بدوا قلقين من الملل و كسل الكائن فغسلوا اليد المفتولة في النهر ومسحوا عن شهوة الحرق أثرا عابرا من الطحالب و الكلام عن براهين القدرة ودلائل الرحمة و العمل الطيب
بلاط الشقق حن إلى الوسخ و بكي في الصالة من شدة التأثر و الرغبة المهلكة في شرب الدم وتسريبه من بين الشقوق إلى أسفل سافلين ، وحتى حين أبتهل بالكلام السيء لأعلى و صار قادرا على النشيج والحمى طلب اللحم النيئ و سقوط الأعضاء عليه بنهم لأجل صوت الارتطام فقط
آه يا الحسرة التي لم تكتمل وتطوف
يا رائحة العفن وشكل العجز الدائم
يا قنديلا من كل الأشياء القاتمة
و يا طعم الشجر المقلوع من الأصل
يا صوت اللحم البشري الساكت والأحمر
يا أجمل من عين مقلوعة
يا شعرا مدموغا باللون الكالح
يا آه
" يا " عُـد
" يا " عُــــــد
" يا " عُــــــــــــد

كنت أريد أن أقول شيئا للعالم


( اللوحة للفنان السوري الراحل وليد قارصلي - شكر خاص للزميلة بريهان قمق )




كنت أريد أن أقول شيئا للعالم
ولو وجوهكم شطري
أنا الولد الذي انسل في ليلة السبت من بيت الأب و الأم والروح القدس
من عيون الجارات و جثث الكلاب المقتولة
من رائحة الحلم الذي لا يطاق
قاتلا ومقتولا
خارجا من العين إلى قدم السابلة
من زحام النفس إلى الكف المفرطة
كنت أريد أن أوصيكم على موتنا جميعا
كنت أريد أن توزعوا لحمي في الحارات
كنت أريد أن ترقدوا على صدري حتى أتخلص
أنا فتات الموائد والساحات والسحنة المشوهة
يا سيدينا في الأعالي
يا أمي في البيت
يا حبيبتي في عيني
يا أصدقائي في جيب القميص
يا كمنجات الليالي الأخيرة
ها أنا خارج للعالم
ها انتم تدخلون في عيني
آه يا روح الطيبين التي راحت
يالفراشات التي مضغتها
يا الحنين الذي بلا يدين
يا " متى "
يا " أنتظر "
يا " ضمي ضمي "
*
قلت يا نار كوني في العينين
لا تغاري من ضحكهم في الطرقات
ولا تلسعي سوى نفسك
دوري حول لذة النشيج
انغمسي في لعق دمك
وافرحي
قلت يا :
حبيبتي
لا تفرغي دمي من الأرض
ربي جلدي على أسفلت الشوارع
ساعدي رائحتي على تسلق الجدران
: قولي يا
حبيبي
ها أنا بنت الناس الطيبة في كل شيء
ها أنا التي ترتاح في صدرك
والتي تعد – مغمضة العينين – حتى عشرة لتظهر من مكمنك
ها التي تفرك أصابعها على جبتهك
ها التي تعطيك اسما في الشوارع
ها التي تدور بك بين الناس
ها التي تضعك على الرأس
ها التي بقايا لحمك في أسنانها
يا :حبيبي
قلت يا أمي
فتحركت الحمامات من فمي
قلت يا أم
فدخلت يد الله في عيني
قلت يا . .
فتخليت ِ عني
قولي أنت طيب في البيت
قولي أنت القريب من القلب
قولي يا حرقة البعد
، قولي يا حبي الذي لا تعرف
يا موتك الذي اعرف
قولي يا كبدي عليهم
و يا خوفي عليك
قولي ابني البكر
يا قمرة الوقت وسرداب الألم
يا شجر التين و ماء الوضوء
سائبة روحك
عينك مفتونة
و دمك الصعب
يا أنت بعيد
يا انا قريبة
. يا مسافاتنا التي تمتد
*
قلت يا رب
يا داهناً رأسي بالثواب والعقاب
يا نازلا في غمامة كل صبح
يا يدك التي تمتد للجميع
يا يدي التي لا تصلح
عودني على طعم الناس
صارت عيونهم جذورا مقلوعة
قل لي أنا أعرفك
قل لي أنت واحدهم
قل لي أنت أول الصف
قل لي يا عيونك الواسعة
قل لي يا عيوني التي تراك
قل لي يا رائحتك في الحظ
قل لي أغسلك من الناس
قل لي يا شكلك المكروب
قلي يا قلبك الطري
قل لي سترسم يدك
قل لي ستفرح أمك
قل لي سيموت العدم
قل لي ستنجو
قل لي ستكبر
قل لي ستطير
قل لي ستغني
قل لي ستعرف
قل لي ستنسى
قل لي يا صغير
قل لي
*
ماذا سوف يفعل العالم بي ؟
يماماتي المقتولة بنظر عين
و حسد الكوكب لي
أخاف على طراوة قلبي من عتمة الناصية
على يدي من فتحها دون جدوى
على عيني من صور الغربان ، من كثرة الجثث
على حبيبتي من الهدد
على أمي من النوايا
و على أصدقائي من الرائحة
و ها انتم تحلون أعضائكم في الطرقات
ها أنا ابكي على الطريق
ها هم يتبرعون في النواصي بالفرقة
يقطعون الأيادي المشبوكة
و يكسرون الكلام في الهواء
ها هم في خد البنت
في رعشة الولد
في الخوف الطارئ
في العين الهائلة
في الكلام المبتور
في الطرقات
في الشجر
في الفم
في الأسنان
ها هم
ها هم
ماذا سوف يفعل العالم بي ؟
*
سيتغير الصوت
في أذني سوف تنمو العناكب
. في رئتي سيدس العالم أصابعه المتسخة
سيتغير الشكل
في عيني ستتناسل إشارات العشاق المبهمة
في قلبي سيربون العتمة على مهل
يا رغبة تملحت قرب فمي
يا كلاما تجمد في الزمن
يا أمي التي تخشى
يا حبيبتي التي بلا أسنان
يا أصدقاء النوافير والهواء الجارح
يا نوافذ العالم المحطمة
يا شكلي في الصور
يا ضوئهم في عيني
يا صوت دمي البارد
يا رائحة الحلم المقصوص
يا قمرة تتحلل
يا سوءة الدكاكاين الفارغة
بلا طفل يمد اليد
بلا زينة لبنات المدارس
يا طعم الغصة
يا أعزاء ، يا قارصون ، يا مرتزقة
ضعوا ألوانكم في الفم
و أملئوا العينين بالصوت
انزعوا جلودكم وحكوا دم العالم
اشربوا من هذا الطريق رائحة المارة
من دمي لون التوابيت
مرة من أجلي كونوا رفقاء بأمي
طيبين مع الحبيبة
وليكن قلبكم على العالم
و أصابعكم في عينه
*
ها أنا أتحلل ببطء
عيني المعلقة في السماء تهبط عليكم
: أوصيكم على دمي
اجعلوه برّيا
يتعلق بالشجر وخدود البنات
يطلع النوافذ ليكسرها
ويدخل في يد التمثال وتحتمل
ضخوه في النهر
كي تعود الصبية المخطوفة
لونوا به الجدران
كي يتذكر المقتول ويغرق في " آه ٍ " و " لو "
: أوصيكم بالطرقات
كونوا ربانيين معها
قولوا ماسحة أقدامنا
و سيئة الحظ والسمعة
نحن أبناءك
طعمك في الفم
ورائحتك تهب المدائن عصمتها
: أوصيكم علي
" قولوا " منكوب
ذاب في العتمة حتى لا تتلقاه يد ٌ مقطوعة
نزع عيونه كي يرتفع العالم
وحين فزع من الأبواب والجثث
:كسر بخاطر الجميع
البوم
الخفافيش
و الآلات
قولوا كان ناعما
لدرجة أن أسماء سبعة لم تلتصق ببدنه
وحين تغير الصوت
سمى نفسه الرائحة
قولوا كان واسعا
حتى أن قلوبنا المعطلة
كانت تركن نفسها بين عينيه
كان طيب المذاق في الفم
كان مطروحا في الشارع العام
يأكل المارة من رئتيه
العصافير من زوايا الفم
أما العالم
العالم الكئيب
العالم كله
من فرجة صغيرة
ينهش الذاكرة
قولوا ها أنت تذوب بعدما ذاب أسلافك الهائلين
ها أنت تنحل إلى عناصرك الأولى
و شيئا فشيئا يفضحك الأبد
قولوا لتكن رقدتك على أصلك
ولتكن عينك في جوفك
قولوا لا نقبل العزاء في دارنا
زهورنا تخجل من الكلام المر
قولوا لا نحب العالم
العالم سر
قولوا لا نعرف
قولوا لا ننجو
قولوا لا نقتل
قولوا لا نحيا
و لا نموت


أوصيكم علي

الخميس، أبريل 20، 2006

من أجل امرأة كهذه



من أجل امرأة كهذه

إلى سعاد الأحمدي : " أقسم أن أتحسس يدي كلما رأيتك "
تتعلم المشي وحدك
بلا بسملة حين تقع
ولا تمتمات حين تطب
هكذا وبمنتهى الهدوء
تتعلم نفسك
*
يمكنك أن تغفر للحصى والعيال إذا ما ابتعدوا قليلا عنك
ويمكنها أن ترتب ملامحك بأقل من أصبعين وبلا تنهيد
بثقة امرأة تطلب زجاجات البيرة من بائع مجهول الاسم
تغسلك في الشارع العام وتنفض غبار عينيك في النهر
. .
. .
الوقت الذي يجب أن تصارحها " أنا أحبك "
تفضل هي أن تؤكد لها " أنا رخيص ومتوفر سيدتي "
امرأة السوبر ماركت ودكاكين الانترنت
لا يجب أن تكون رديئا أقل من المقبول
لا يجب أن تثبت على عينك ثمرة تفاح فاسدة
لا يجب أن تنقل الأخبار السيئة السمعة من هنا وهناك
لست حداثيا بالفطرة يا صديقي
وهى غير معنية بالمسرة والألم المفكوك
ليديك طعم ٌ غريب في الفم ِ ورائحة ٌ جوالة
وليس لديك قمصان متسعة لتربية الحمام
ليدها طابور من العبيد الزرق في أزقه ليلة مجهولة
ناعمة وتتمنى
امرأة التحيات السريعة وهز الرأس و " لنكن أصدقاء "
*
القدرة أن تبتعد شبرا واحدا
الخلق أن تدير ظهرك لهذا كله و تضحك
*
ستموت – حين تموت – بجدية
وجهك متصالب
ركن فمك لا يتحرك أمام الممرضات
لا يهم عدد الأشياء المكسورة في الداخل
صوتك وحده كان كافيا للتمهل
وكلامها القادر عن الموت يجعل الأمور في المتناول
ربع قرن من المهابة تحفر تنينا في القلب
هي قادرة على النمو أمام عينيك بلا مواربة
ترتق جوربها وتتهمك بالتهالك
تمسك يدها من أسفل المرفق كبنات الباشمون
" لا أملك أسلحة يا صغيري
. . أقترب فقط "
. . . . من الضحك يمكنك أن تتعلم أيضا
لون الأسنان و طعم الأحداث الباقية في الشفتين
هي جبريل العالم
حرة ومتاحة في الطرقات وعسيرة الهضم
ستدوس عليك بمجرد النظر
وتنجب منك بلا وعي عيالاً و حزناً ليلياً سريع
ْتتحول القصاصات إلى قصص حب دائما
يمكن لعمال الموانئ ملاحقة المنكسين في وضح النهار
ويمكنها أن تكنسهم بأطراف أصابعها ليلا
" صغارا ً مميزين و فجرة "
*
المكان أن تختار الرحلة
أن تبدأ
*
كي تكون مبهجا في حفلات العرس
تجنب الحديث عن الماضي و الطرق السرية لطحن الكلام
بهذه الطريقة أو بأخرى ستزورها في المنام ولن تعرفك
يمكنك إفزاعها فقط لو صدقت نفسك
ويمكنها تجاهل الكوابيس أيضا
انها لمّاعة
تمهد الطرق و ترص البشر على الجانبين ولا تسير
خجولة هي من الضوء والعتمة تقتلها
الظل ليس هو الحل المناسب للتراجيديا
عليها أن تقنع بفضلات الكلام أولا
وعليك أن تتدرب على أن تكون ناعما وشهيا عند الضرورة
. .
. .
عينك تدل على الموسيقي
وشفتاك تستجيبان للطرق والحوار
متى تسعد أن لديك خرزة زرقاء في جيب قميصك
وعيونا سلبية تجاه الحزن ؟
*
صديقي

سأذهب لملاحقة القتلة وتربية الفرح بهدوء
كن بخير

المخلصة سعاد
( 2 )
*
أحزن لأضيء
هذا كل ما بالأمر
*
يحدث هذا في أوقات معينة :
مثلا تمد يدها من النافذة القريبة
تمد يدك على مدد أي شيء تعرفه
سيارات مسرعة , عيال وبلطجية
يشفطون الهواء بينكما
وتكسر أصابعك النظرات الغريبة من كل مكان
كالدبوس تدق الهمهمات في أذنيكما معا
" أراكم يا كلاب "
*
وثقوا بي كثيرا
تلك مشكلتهم الآن
حين أتجاهلم بعناد من يعرف أن أي شيء أسود
*
قليلا من الزهايمر والشيخوخة والهلات السود يصلحون لتعتيم ملفي
يجعل الربو رئتي ودودة
السرطان يقطع لسان يستحق بالفعل
أما عن الرعاش والهيستريا
هؤلاء اصدقائي الطفوليين
يسمحون للعيال بالعلب معي
كما يوفرون علي الزحام وسخافة الشوارب والكحوليات
أقدر أن اقلع جلدي بسهولة
و يمكنني أيضا
أن اضرب رأسى بالحائط بلا سبب
أنا محروق
. .
. .
أعرف أنها ليست " سعاد "
شعرها مصفف بعناية من لا يعرفني
وجهها الجديد أملس ويغيظ
لم أصدقها يوما حين حطت على رأسها على كتفي " أنتَ خائف "
ولا حين ضحكتُ بتلقائية " أنت ِ مأكولة "
*
البنات اللواتي قطعت المواعيد العاطفية أعمارهن
خسرن الهواء
*
*سندباد العزيز
لا أجد أسبابا حقيقة لأحبك
ولا أسبابا جاهزة للكراهية
حيادي أنا في الضغينة
يمكنني ممارسة الشجب والمسرة في آن واحد
كذلك ينمو هاجسين على الأقل بجواري ولا أحس
. .
. .
صدقني حاولت أكثر من مرة
أن أبدل الهواء
أن أصارحها في ليلة واحدة
" سعاد أنتِ أقل مما يجب بكثير
أنت ِ لا تشبهين ممثلات السينما ولا عمال المترو
لا تشبهين الأطفال ولا المعاقين ذهنيا
تمشين كأوزة على جدار المعبد
فرعون يأمرك ِ بالصياح حين تمر مراكبه
" والغلاميون يفعلون ما هو أكثر بالكورنيش ووسط البلد

( 3 )
الاله الصغيرة التي مرت عليهن في الكورنيش
مصمصت شفاهها و ابتعدت
*
أنت َ لا تصدق وجهك
لكنك تصفق للعابرين بشماتة
يغلبك العيال في اللعب والبلل
وتتحفظ على نكاتك ، تعيد تربيتها بعيدا عن الضوء
تضحك مني حين تقف الفراشات على صدري في الحدائق
وحين يطلون بعيونهم المسمومة ناحيتي تلتهب بلا مودة
. .
. .
من أجل لقمة
لا يكون كلامك في المتناول
أنت مخذول كنصف ثمرة متروكة بين عاشقين على وشك الفراق
أصابعك لا تصل إلى الأرض
عيونك بحاجة إلى تلميع
يشدك العيال ويدسون قلوبهم في عيون البنات اللواتي لن يعرفن كم أحببن رجلا بأصابع قلقة
وحين تتعود على المرور من أمامهن
سيرمينك بأحمر الشفاه والحصى
– صدقني –
من أجل جلب الحظ فقط
*
السماء مكسوة بالغبار
خطايانا تتحرك يا صديق
*
أدوس عليك
هكذا بقوة السؤال و الإجابة معا
أخرم عينك َ إن قلت نعم
وأخرمها إن قلت لا
أصابعي مدببة و أخاف علي روحي أن تخسر
جيد أن تسقط بكل اتجاه إلا نحوك
وجيد أيضا لون الشيء حين يتعافي من ضرباتٍ صديقة
أنا مأمونة الجانب ، أخطئ في العلن
. .
. .
ضيق ٌ أنت ككمين
ضيق ٌ لكنك تفهم ذلك و تتحاشى
ليكن لديك منديلا لتلوح لي من بعيد
وقلبا حارا ترميه تحت قدم أحداهن كي تضحك في سرها ولو مرة واحدة لأجلك
لم تهتم كثيرا حين قلت لك
" كفي للبيع , عيوني تصلح كخرزة زرقاء "
أنا أيضا لم أكترث حين قلت لي
" صدري مخروب . . ثمة هواء ينقصني باستمرار "
*
علامة الوصل الوصول
لا شيء غير الطريق يصلح للبكاء
*
صديقتي . . .

أخرج أحيانا . .
فقط كي أعرف كيف يمكنني الدخول ثانية
كوني بدفء

بإخلاص أحمد

( 4 )
- أحتاج أن ألوث الموسيقى
أيضا أحتاج إلى تلويث عيني بالفل والشهداء
هواء ينقص . . هواء يزيد
أنا مشنوق
- بيدي تفاحة تركها عاشق في جيبه حتى ماتت
قدرت أنه فظيع أن تترك هكذا على حالها
أنا أيضا أموت في جيوب الأصدقاء
أنا متروكة
- الأطفال صفر الوجوه في العالم
ثمة من يحشو عيونهم بالحقد
ويقص أظافرهم عنوة
خلل في تركيبة الماء يمنعني من تحديد صورتي في النهر
هذا أم شرطي السير ؟
- عرائس الفنادق وزفافات الخفة لا أفهمها
أفضل تمرين قلبي على السهر و السؤال عني من وقت ٍ لآخر
أنا مطلقة بالكلية
أحك عيني بأصابع الأصدقاء و أعواد النعناع
أخلع نفسي من الصور الجيدة و ألصق منظرا أكثر بهجة
حين أدوي في الليل لا أسمع خرافات ولا عفاريت
لذا
كلما قلت أن روحي ملسوعة
كان موتي عاميا أكثر وخشنا على الوجه الذي أريد
الأصدقاء والتراب لصيقون في كل شيء
تعلمت أن أقرف من الذباب بسهولة
وأن أتحاشى المواقف العاطفية
تعلمت أيضا أن جدران المعابد غبية ولزجة
لم أتعاطف مع فعلتهم على الكورنيش
أنا مفتوحة من أعلى
تسمعني العصافير والكمنجات
ولا أترك أثرا على الأرض
. .
. .
صدقتك َ الليلة
فيما كنت أعد نفسي كعروس
تذكرت أنه لم يعد بإمكان احد
أن يعطيني بعض الحلوى والأطفال و يصلح زجاجي
صدقتك َ أيضا حين لم تصارحني
" أنتِ براز العالم يا صديقتي "
أنا أحترم هذا و ألطخ يدي بالحبر حين ألعب
جنوبيا كان لحزني طعم اله مشلول
عين واحدة مكسورة و أخرى تتكاسل
أنا أكفي للضرورة
كنت أريد أن أتحاشى التلف بالموت
لكني أضعت قدمي كي أتمهل
ولم أجلس على مقعد منخفض كي لا تبصق الطيور علي
أنا كافية جدا
فقط يرقد بجانبي سنونو لأخلع مهابتي
هكذا أدفء
- ليس من أجل أحدٍ بعينه
لكني سأجمع الخيوط والعيال
اربطهم في لساني حين يأتي الليل متأخرا
أطقطق على مهل ٍ وبصوت عال ٍ يجرح المتواجدين في السر والعلن
بيدي قماش مصبوغ بالنوم
من يمد يده ناحتي لأعضه
أنا ملفوف ٌ في أوراق الناس أحدد رأسي بيدي
لا لأحد ٍ بعينه أتنهد
هواء ضيق
يؤلم الروح ويغضب مني العيال
. . . . حين لا أجد امرأة تلعب معي
أخبر أصحابي أن الهواء مدبب
أخبرهم أيضا أن ثلاث فاتنات على الأقل مررن ولم أكثر
أحاول أن اخبرهم الحقيقة بعد دقائق
يتركوني كلامي مرصوصا على المنضدة ويحلمون وحدهم
أنا لا أحب البيض ولا اللون الكاكي
أفضل التحيات السريعة ولو بعد الشد على اليدين
لم أكن غبيا حين قلتِ لي
" اقلع عينك وسر مفضوحا بلا قداسة
.
.
نبيا تموت "
وددت ساعتها لو قلت لك
" ظلي يكنس الأرض حول الجميع عداي
. .
لا مسرة "
جميلة الفتاة الطيبة ، جميلة وتحمل هاتفا جيدا أيضا
لا شيء ينقص غير وردة في العينين
وقلق مباشر على أي شيء
و أنا وردة ساخنة
أحمم نفسي بلا مشاكل ويمكنني أيضا قص ولصق الصور المهتزة
منقوص من كل الجهات سواي
حين حاولت أفتح قميصي ليسع الطائرات الورقية
مرت طائرة . .
أثنان . .
و مِتُ فورا
*
صديقتي

صدقيني
باردٌ جدا هذا النحيب
. . بارد ٌ وقلق

بإخلاص أحمد
*
صديقي

صدقني
سيكون ما بيننا أبيض - أسود وكئيب

المخلصة سعاد

الأربعاء، أبريل 19، 2006

اسمي أحمد



اسمي أحمد
هكذا ولو كانت أصابع اليد اليمنى للقابلة
أكثر طولا
كان من الممكن أن يكون لي أنف أدق
لكن حين طرحتني من الدفء إلى الشارع العام
ووضعت يدها السمينة على أنفي
عرفتُ
أن علي أن أمشي وحدي
وفيما أكره اللون الخانق للإسفلت
تحبني القطط
أما الذين لا خوف عليهم ولا هم يحزنون
فيقولون كلاما غريبا عني
ويكورون دمي على شكل كابوس
كي يفرشوا طريق الرب الطويل
عرفتُ أيضا
أن أحدا ما لن يلتفت لعبوري السريع
من البيوت خفيفة الظل إلى الظل الذي بلا بيوت تحميه من الهواء والضجة
ربما يشير عليّ أحدكم بالتصرف المناسب
حين يكتبون اسمي بحروف ميتة
ويقولون عنه في أماسيهم
يا خسارة
ولد ٌوله أسم قصير
لا يثير الريبة في عيون الناس
ولا يتعرف عليه أحد ٌ في الزحام.
*
اسمي أحمد
ولو أن الله يحبني أكثر
لسماني باسمي
ولجعل يد القدرة تخطف لساني
كيلا أنطق بحروفٍ معوجة
فيما يفر الحمام من فمي
لو أنه أحبني أكثرلقال لي:
"وضعت ما بين عينيك على مقاسك
وما بين أصابعك..
تركته للمساكين"
لكان أنفع لي بكثيرٍ
أن أصبح كلبا في السكك
أمر على مقاهي الفتيات ذوات العيون الواسعة
فيخفنَ مني
أهبطُ في عتمة الليل إلى الشارع العام
فتتحاشى السيارات المسرعة
دمي المتجلط على الإطارات
ويمكنني في اللحظة ذاتها
أن أقطع الطريق على رئيس الجمهورية
أن أهز ذيلي و أحرك الفخذين للأمام
هكذا أنبل بكثير
من أن يكون اسمك أحمد
و لكَ فمٌ لا ينطق الكلام بشكل سليم
وحتى الحمام الذي لا يتريث قبل خروجه من فمك
يحزُّون رأسه بهدوء ٍ على الشفتين
*
قلتُ يا سلام
لو كانت لي ضفائر
وشكلا مريحا في الصور الفوتوغرافية
ألم يكن من الأفضل بالنسبة للعالم
أن تكون لي أسنان بيضاء
ورئة غير مصابة بالدخان
ويا سلام لو كانت عيوني خضراء
ولديّ الكثير لأتفرج عليه بدلا من صور القتلى
أليس جيدا بالنسبة للأب والأم معا
أن يكون لديهم لعبة تشغلهم عن المساءات السريعة
أيضا كان يمكن أن يتسلى بي الأقارب
حين تضفر أمي جديلتين بلون الفحم
وتدهن رأسي بالدعوات والزيوت
سأغني كل الأغاني التي يمكن لبشري أن يحفظها
سأقول ما بوسعي كي أبدو لامعا
وأنا متأكد أن العالم كان سيفرح بي كثيرا
حين أقوم من النوم دون أن أبلل نفسي
على الأقل مرة كل أسبوع
سيكون من الممتع أن أتصالح مع شكلي في البيوت خفيفة الظل
حتى صوت الضحك العالي يمكنني خفضه
ويمكنني أيضا
شنق نفسي بالضفيرة
خاصة ًفي حالات الضجر
و الخوف من الذاكرة .
*
قلت لواحد قابلته صدفة
ماذا لو نتبادل أسماءنا خلسة؟
كان سعيدا جدا حين قلت له أني أحب اسم " زياد "
لكني كلما اقتربت منه
مط شفتيه في قرف من اسمي العادي
وربما كانت فكرة شيطانية في رأسه
حين قال لي إن بوسعه التنبؤ بالمستقبل
فرحت كثيرا حين قال لي لا تكترث
لن تموت مقتولا كما حلمت
ولن تموت أصلا
ستصبح شجرة في الخرائب والطرقات
وسيمر من جانبك العشاق
ويحاولون بالأظافر والأقلام
كتابة الأشياء المهيبة على خدك
أيضا سيفرح بك العالم
لأنك وحدك
صدقت أن هذه الأشياء على خدك
يمكن أن تخرج من الفم
بعد قليل سيتذكر العالم أيضا
أنك ذكرى سيئة للعاشقين حين يفترقان
وأنك لا تصلح بالطبيعة لطأطأة الرأس حسب اتجاه الريح
فيأخذ منك أسمك
ويتركك في البرد
*
راهنت على عمري مرتين
مرة حاولت أن أكسر يدي بنفسي
قالوا لي أن يداً مكسورة
أفضل بكثير بالنسبة لك
ربما
لن تمدها في الطرقات فيضع فيها الغراب صغاره
وربما
لن تجد الفرصة للفرح القاتل
و حين تتقابلان بشكل محموم
ولا تكتفيان بهز الرأس والكتفين
سيكون عليك أن تقطع يدك من أسفل الرقبة مباشرة
من يدري
ربما بعد قليل
تجد أنه لا لزوم لليدين
وتندم على كل هذا الألم الذي عبرها من خلالك
ربما تصاب بالحسرة
لو كانت يدك أقصر قليلا
ويدها عادية ليست كيد عازفة بيانو
- ذات يدين من سندس -
كان يمكنكما أن تسيرا ببطء أكثر
ببطء متزايد
حتى تتوقفا على أقرب ناصية في الشارع
وحيث تكون الاتجاهات حتمية
وينكشف الهدف الحقيقي
لكل هذه الميادين والنواصي التي تملأ العالم
ستكفي يدك المقطوعة
كدلالة صوفية
على المستقبل
.
.
مرة
وفي شارع ٍ آخر
اكتشفته فجأة يسير على مهل
ولا يمنحك فرصةً واضحةًللهرب ْ
سألتني صديقة:
ماذا يعني أن يخرجوك من الهناءة
ويطالبوك بصورة دائمة
حين تصرخ من الجوع
أن تأكلَ نفسك
وحين تتكلم عن غباء المعنى
أن تتقي الله
وحين تجد أن لديك الفرصة للضحك وفعل الأشياء الصحيحة
يهددونك بالكلام المدبب
ويعيرونك بجلوسك وحيدا في الليل
وفيما يخرجون من الشقوق ليجبروا الهواء على الاكتراث بهم
يحملون أسماء ً مصففة بعناية أبٍ حقيقي وأم ٍ قادرة على الكلام
وحين تجلس في الليل
وحدك تتعرض للضوضاء
وتنزع اسمك الحيادي
تتذكر أنك ولدت في نفس العام الذي مات فيه الجميع
كان وقتها ليلة النصف من شعبان
وكان هواء الغرفة يجرح أمك بالتأكيد
أما الأشكال المختلفة للمخاض
فقد وفرتها يد ٌخبيرة
عرفت بهدوء يليق بحفار قبور ٍ متمرس
أن البطن التي تحملك
ستسميك باسم عادي
فلن يكون لك لسان يخصك
وينطق الكلام بشكل صحيح
ولن يحبك الله أكثر من إخوتك
كي يجعلك كلبا في السكك
لذا شدتك اليد الحازمة من الداخل
وألقتك في سهلة المهملات
أيضا حاولت أن تتلافى الحسد قالت:
" بنت"
لكنها لم تكن تعرف بالتأكيد
أنني حتى الرابعة كنت أتكلم بضمير المؤنث
وأنني إلى الآن
أجد حرجا في التصريح بالنوع
ربما يذكرني هذا أيضا
بالشكل الذي كان يجب أن أكون عليه
بلا لحية ٍ ولا شعر إبطين
كان يجب أن أخرج للعالم على شكل كرة
ليدفعني الأطفال في طريقهم إلى المدرسة
ويخفونني عن الشمس وعيون الآباء
وحين يرتاحون للعالم الساكت
يخرجونني من مخابئهم السرية
يدفعونني بحذر ٍ على درج البيت إلى البراح
متخيلين أفلام الكرتون وولع الكبار بالقطيعة
لتصبح لديهم القدرة
على قذفي بعيدا
هناك
حيث لن يجدني أحد.
*
اسمي أحمد
لا أعرف سببا واحدا لذلك
يقول أبي لأصدقائه:
"سميته من القرآن مباشرة
جعلت له عند الله أيادٍ بيضاء
وقلتُ في سري
لو خاب أملي فيه سيكون نبيا"
لكن حين فتحتُ الكتبَ المقدسة
وجدت أن الله لن يحبني بالشكل المطلوب
فلم يذكرني سوى مرة واحدة
ورغم أني أحبه كثيرا
وضع اسمي في نبوءة مشوشة
كانت الحافز الرئيسي
ليتقاتل العالم من أجل التأكد عدة مرات
أما أمي
فتذكر على الفور
أن خياراتها لي كانت محدودة
فلم تستطع أن تمطَّ شفيتها في قرف من سذاجة الاسم
لكن اقتراحاتها لم تخرج عن أشياء من هذا القبيل
حاولت جدتي أن تسميني محمد
تنهدت بحسرة
على الأقل يصبح نبيا حين يفشل في دراسته
ولو على القرآن
فهناك سورة كاملة ستكون باسمه
لكن أحدهم اعترض
فماذا ينفع العالم
لو صرت نبيا
يخيب آمال أبيه
ويفشل في المدرسة؟
وماذا سيكون عليهم أن يتحملوا
حين يكفر بك الجميع ويرموك بالحصى والكلام الفارغ؟
ذكرتني صديقتي:
" كان من الممكن أن يشتموا أمك بلا سبب
ويقولوا عن إخوتك كلاما يتنشر بسرعة
فماذا يفعل بك العالم
لو صرتَ نبياوسبَّ أمك بائعو الخضر؟ "
حتى لو صرتُ نبيا
لن يكون ممكنا بالنسبة
أن أرى نفعاً للعالم
بعد كلّ هذا الطابور الطويل من الأنبياء
أن يأتي نبي ليكرر نفس البدايات
وحين يسيل دمي في الطريق كالعادة
سترى القطط أنني مختلف
وسيرفض الله بشدة
مسألة أن يحول نبيا إلى كلب
أما الأصدقاء
فلن يغيروا رأيهم فيّ
سيقولون عني "خائب لم يستطع أن يحلم بشكلٍ صحيح"
ويتركون لي هواءهم في الشقة الضيقة
حتى الشقة
تلك التي تعرفني بمجرد اللمسل
ن تكون ملاذا آمنا لنبي
يعلق صورا ً لإخوته على الجدار
ويختلس النظر للعالم
ولن يمكنني أن أقطع يدي
نظرا لحاجة العالم لنبي بيدين
يمشي عليهما في الشارع
كي يعجب الناس
وحين يحاول أن يتفادى تقاطعات الطرق
سيتهمه الأصدقاء بالتقليد
سيقولون كلاما كثيرا مع هز الرأس والتّفهّم
عن سرقات متعمدة لنصوص يوحنا
و تطويراً ساذجا لنموذج المسيح
أما حين يحاول أن يتكلم مع الناس بحروف ٍمكسورة
ويرون الحمام يخرجُ من الفم
سيقولون ما هذا إلا سحر ٌ مبين
ويسمون أولادهم بأسماء أجدى نفعا
على الأقل لتجنبِ خيبة الأمل
وجلبِ الحظ لتلاميذ المدارس
ورغم ذلك سيصحبون أولادهم من أجل الفرجة
إلى المكان الذي لابد أن أكون فيه بصورة دائمة
بيدين كاملتين
وبدن ٍ مرقع
أقفُ على النواصي
وأحاول مد الجسور بيني وبين العالم
فليس ممكنا
أن أرى كل هذا التمني
فيما أجلس وحيدا في الليل
أتمنى أن أقطع يدي من أسفل العنق مباشرة
وأحلم برجل وامرأة
متساويين في الخرافات والخيارات العديدة
يفضلان الضفيرة على اللحية
وغناء البنت على إطلاق الرصاص
يقطعان الحديث عن المستقبل
ويقدران الخيبة البشرية
وحين يجدان نبيا لا يريد أن يكون كذلك
يتفهمان الأمر
ويتركان لسانه المتكسر
دون حساسية
يطمئن الحمامات القتيلة
أن دمها على الشفتين
مذكورٌ في الكتب المقدسة
ليس عادياً جداً
و ليس اسمه أحمد.