الثلاثاء، يوليو 25، 2006

بالرغم من كل شيء يتهمه المارة بالجنون


بالرغم من كل شيء يتهمه المارة بالجنون
الولد الذي يفتش في صدره باحثا عن شيء ما
يضغط بأصابعه النحيلة على عظمة القص
يتأكد أن كل شيء على ما يرام
الناس في الشارع
البنات على الكورنيش
الحرب في الشاشة
الرعب في البيوت
والدم فيه


كل شيء على ما يرام
يضغط على عظمة القص
ويتأكد بنفسه مرات عديدة
أنه لا بنت تنام وحيدة الليلة
ولا ولد يحارب الهواء بصدر مفتوح


هذه الليلة تحديدا
لا يمكن لبشر أن يحدد ما الذي سوف يحدث
هل تقوم البنت من نومها
وتجر حلمها المعقد نحو النافذة ؟
ماذا لو حاولت رفعه ولم تستطع
هل يكف الولد أو الريح عن إثارة الضجة و تبادل السباب ؟
ماذا إن ذكر أمه
خاصة في هذه الليلة التي لا يمكن لبشر أن يحدد ما الذي سوف يحدث فيها ؟


الكل كان خائفا
الجدر تخاف من الملصقات القادمة
أسفلت الشوارع يخشي من خطوات سريعة
الشبابيك نفسها
وبكل جلالها المتوارث
تغلق على نفسها في حسم
فمثل هذه الليلة
قد تبصق عليها شجرة

" يا فاسدة الذوق
تضعين لحمك كمساند للناس
فيما أتوسل للجميع أن يتركوني هكذا
حرة وعارية "

كل شيء على ما يرام
هذه الشروط الأساسية للبدء
أن تنام البنت على حلمها حتى يموت
أن يتبادل الولد والريح بعض اللكمات ويفران من الميدان فجأة
أن يتوتر الإسفلت وينعت المارة بكلام غريب
وفيما تغلق الشبابيك نفسها
تحتمي الجدران بالنوع البشري

" يا جماعة
أنا حمّالة الأسى
شقوقي ابتسامتي
صانعة الكلام العاطفي
وحين يلتوي عودي
اعلم البنت الدلال "

هو لا يحس بتوتر
ورغم ضغطه المتواصل على عظمة القص
يقول في سره

" ليلة وتمر
بحبيبة جيدة
بلا حبيبات من الأصل
ليلة وتمر
ليس غريبا أن كل هذا الهوس بالحياة
يخمد فجأة
وتخلع الأشياء ذواتها في الميادين
أنا نفسي اضجر من الحياة
وحين أجد شيئا مبهما في صدري
أعرف أنها ليلة وتمر "

الحياة مرتبة
ههنا البنات على الكورنيش
صحيح لا يتحركن مع الكلام الواسع
ولا يمتحن الأنوثة بلمسة أو لمستين
لكن على الأقل موجودات

الحياة مرتبة
الناس في الشارع مرصوصة
وبالفعل كالبنيان يشد بعضه بعضا
أيضا بالكاد
تلحظ الفوارق الطفيفة بينهم
مثلا :

الرجل المرصوص بجوار السيدة المرصوصة
بلا رأس
هي أيضا تلبس صدرها كقفازات

لكن الصورة العامة
أن الرجل لم يزل رجلا حتى ولو فقد رأسه
والسيدة المرصوصة سيدة
بدليل واحد
صدرها الملبوس كقفازات .


الحياة حيادية أيضا
أنظر
البنات أنفسهن بلا تغيير
لا فضل لخصر على رقبة
ولا لعين على كاحل
تحدث نفسك
لابد و أن قوة مهيبة وحاسمة
تضعهن يوميا في خلاط
كي لا يتمكن عاشق بمفرده
من تحديد فم الحبيبة أو حتى لونها في الخجل
فربما يقبل ركبتين
ويغشى عليه من النشوة الخاطفة


لذا لا يجب أن يشق العاشق وجه الحبيبة بالسكين
ولا يستحلفها بالله

" لا تقبلي أحدا غيري مهما حدث
و إن ترددتِ أمام شفتين
فعلامتي أني أحبك "

ليدع العشاق حبيباتهم حرات أكثر
ولتمنح الحبيبة نفسها فرصة نادرة
في التعرف على الكائنات
خاصة أنها لم تكن تعرف
- أنا شخصيا أصدقها -

" كان خده مشقوق مثلك
أيضا حجاب أمك
ضربة السكين من يد الأصدقاء
بدنك المشدوه
رعشتك في النشوة
كل شيء كل شيء كل شيء
وأنا فرحت "


نصيحة
افرح لها
ذاقت العسل و رضيت بماء
لو كنت مكانك
لفكرت كثرا
قبل أن أطلق الكلمة القاسية
و أتركها تتجمع بهدوءٍ
كدمعة على الخدين

الحياة على المقاس
لو أخرجت يدك من جيبك
سوف تتلاشى
هكذا تم تصوريك من عل ٍ
تقف على الناصية
رجل على رجل
ويدك في جيبك


لا تحاول أن تبرهن على الاتساع بالفقد
ها هنا الخاسر الوحيد
هو البهجة


أنظر للمرأة وتعلم
رغم أن يدها ترتدي لحمها
تشكر الله على الفضل
وربما تقول في سرها

" مستورة بحلمي
هكذا أفضل بكثير خاصة في الصورة من أعلى
سيغفر الرب لي خطأي
ستقول الملائكة عني " كانت طيبة "
- أنظر أيها القدير -
ترتدي لحمها وتشكر "


أنظر للبنت
مسمرة في مكانها أمام الشباك
هادئة و مطفئة الأنوار
ليست بحاجة لشفاه أو يدين
ليست بحاجة لشيء
مكسورة من الداخل
وفيها عينها نظرة عتب


أنظر لنفسك
أنت في الصورة من الداخل
تحديدا في على الحافة اليمنى
ورغم أن مكانك يبدو هامشيا في عين القدرة
فلا أحد يحمل ضغينة تجاهك
صدقني
ربما من حسن حظك ألا يعرفك أحد
يمكن للجميع أن ينسوك في لحظة الهلع
ولن تجد نفسك محشورا في القلب
حيث الروح مسلوقة
ودمعة العين تتجمد في زاوية


2-

في ليلة كهذه
حيث لا بشر يستطيعون التنبؤ بما سوف يحدث
تجد ضرورتك في الركن الأيمن من الصورة
وسترى بنفسك
وجودك حين ينحصر عن يدك
يدك وهي تدخل في جيبك
ساقك وهي تلتف على الأخرى بسلام

ستراك جميلا
سترى جيرانك مرصوصين حولك
منظمين ، هادئين ، مصففي الشعر ولامعي الأسنان
ستفرح بهم هكذا
على الاقل سوف تعرف فضلك على العالم
و أن وقفتك الغريبة الهانئة
في الركن الأيمن
تمنح السكينة للشوارع
وتضع الناس بمقادير حاسمة على الطاولة


سيفرح بك الجميع أيضا
البنت /
الولد /
لابسة لحمها في اليدين /
مقطوع الرأس المبتسم /
أسفلت الشوارع /
الريح السبّابة /
الحبيبات في كيس اللحم
سيقولون كلاما جيدا عن الشهامة
وستغمز لك إحداهن – قبل الضوء بثانية – كعلامة تبجيل

أنا أيضا سأفرح بك

" ولد أبيه
صانع معجزة العالم
وقف كخشبة من أجل الضحايا
وتمهل في الألم "


ستحب أن تكون الصورة واضحة
حوافها منضبطة
المشاهد مجمدة في هواء اللحظة
الكلام ممنوع
الحركة إثم
و التغير ملعون في الكتب


ستدقق النظر في الجميع
تهمس لجارة

" اسحبي ظلك
يطلع كالحقول من أسفل التنورة
لفيه مرتين
واربطيه على صدرك "


ستفعل
أنا واثق من حبها لك
ستعدل وقفتها لأجل أن تبدو حلوة
وسواء نظر لها العالم برضا أم لا
ستعتبرك وجه الخير عليها
والبدائي الذي لم يعرف حيلتها الوحيدة
أن ظلا ما على الصورة
يفسد العدم

أنت أيضا سوف تهندم روحك
ستقول لنفسك

" أنا الذئب الذي يركض في البريّة
أنا عيون الغزال الواسعة
أنا الطلقة التي تضم الجميع "


نعم أنت كل هذا
حتى أنك أحيانا تصبح الحبيبة
الألف والياء
القبلة الغلط
و الشفاه الصحيحة
ستكون شجرة وولدا وبنتا خائفين
ستكون يده التي تتلمس في العتمة
يدها المغروسة التي تنهش ظهره
القبلة الخفيفة والضم القوي
أيضا كلمة أو كلمتين عن الدلال


ستقول للكائنات

" أنا أصدقكم في كل شيء
كل شيء في الصورة لابد أن يتم
الضوء الباهر الذي يفاجئ الجميع
يجعلنا واضحين
و شكلنا في الأعالي
يمنح الملائكة البهجة "

أنا فخور بك
ولد طيب
من أجل إلقاء الأحلام من النافذة تساعد البنات
ومن أجل الحبيبة التي أخطأت
تضع شفتيك في الخلاط
ومن أجلي أنا شخصيا
تتلف ساقيك بالوقوف في صورة
ولد طيب


أجعلها زرقاء
بسمة الرضا على الشفتين
أجعلها رمادية أكثر
مثل نظرة العتب في العين
أجعلها باهتة
كي لا تبرز من الصورة
أجعلها بيضاء خفيفة تصلح للتأويل
لا لون لا طعم لا رائحة
اجعلها غائبة

3 –


كل شيء على ما يرام
الزهور جاهزة في اليدين
الأماكن تتسع للقادمين الجدد
اسفلت الشوارع يغير لونه للأبيض
غبار دقيق يدخل من النوافذ إلى شقوق الحيطان

على أرضية واحدة
وحيث لا تفرقة عنصرية
بين حبيبة أخطأت شفتين
وعاشق متهالك
على رقعة واحدة بلا لون
يتخذ الجميع أماكنهم بهدوء
الرجل أمام المرأة
البنت على الشباك
الأطفال يقلعون أعينهم على حواف المكان
ضمن وجوه كثيرة وباهتة
تشبه الفراشة جسد القتيل
و أنت نفسك تدخل الغيبوبة الكاملة
يدك تنسحب من عظمة القص نحو جيبك
ساقاك تتشكلان كما يجب
بسمة الرضا على الشفتين
وفي عينيك نظرة عتب


" أبي الذي لست منه في شيء
أعطني القدرة . .
أعطني المرور من هنا
و إن لم يكن عابرني هذا الكأس
فلتجربه أنت "

هناك 6 تعليقات:

Salma El Banna يقول...

تشكر الله على الفضل
وربما تقول في سرها

" مستورة بحلمي
هكذا أفضل بكثير خاصة في الصورة من أعلى
سيغفر الرب لي خطأي
ستقول الملائكة عني " كانت طيبة "
- أنظر أيها القدير -
ترتدي لحمها وتشكر "



أنظر للبنت
مسمرة في مكانها أمام الشباك
هادئة و مطفئة الأنوار
ليست بحاجة لشفاه أو يدين
ليست بحاجة لشيء
مكسورة من الداخل
وفيها عينها نظرة عتب


أنظر لنفسك
أنت في الصورة من الداخل
تحديدا في على الحافة اليمنى
ورغم أن مكانك يبدو هامشيا في عين القدرة
فلا أحد يحمل ضغينة تجاهك
صدقني
ربما من حسن حظك ألا يعرفك أحد
يمكن للجميع أن ينسوك في لحظة الهلع
ولن تجد نفسك محشورا في القلب
حيث الروح مسلوقة
ودمعة العين تتجمد في زاوية


/////
لك الله ايها البهي...
مطولة تستحق العودة هاهنا كثيرا ...
قلم ذو نكهة خاصة كقلمك ..اسمتعت حقا

سلمى البنا..

غير معرف يقول...

العزيزة سلمى


مرورك مورق

اسمتعت حقا بمراياك


أحمد محجوب

محمد أبو زيد يقول...

أحمد
القصيدة رائعة حقا

لكن قل لي
هل أنت أحمد الذي أعرفه

بتاع صالح قادر بو
والتكعيبة
ومسابقة ديوان العرب


ها
طمني

غير معرف يقول...

ياااااااااااااااااااااااااه

أبو زيد البطل الصعيدي المجيد

انا بتاع قادربوك و ديوان العرب و التكعيبة فضلا عن ماكدولنز والبطة الامريكية اياها ههههههههههه

لا تتصور واحشني قد ايه يا صديقي

ahmed_mahgope@hotmail.com

محبتي
تلك التي لا أملك غيرها
احمد

نهى جمال يقول...

يقولون أنَّا أحيانا لا نملك حروف الشكر


وهنا صدقوا


فاعلم أني اشكرك دوما

أحمد محجوب يقول...

العزيزة نهى

اشكرك كثيرا على التعليق الرقيق

محبتي
تلك التي لا أملك غيرها
احمد