الأحد، مايو 14، 2006

شاي المحارب






وفي اخر الأمر ندرك ُ أن البلاد حقيقية كالوهن . . .



تعلمنا الحربُ كل الكلام الصديق
سباب العدو .. وجه الأسير المغبر ... نهنهة البنتِ يتركها العاشقون تضفر أحلامها في ليالي يناير . . . معنى التساؤل عن عدد الأمنيات القتيلة ، وعن هاجسٍ مر في الكتب المدرسية

هل تكره الشاي مثلي ؟
تعلمنا الحرب . . .
كيف تكون الخطابات ُ شهوة . . .
رصف السطور / انتظار الحبيبة في آخر الحي قبل الغروب تمد يديها وتضحك / أحبكِ يا طفلتي في الغياب / أنا عائدٌ فاذكريني / صحتي جيدة / لا تفتحي الباب للأصدقاء ولا تقربي الضوء كي لا أموت وفى غرفة القلب حلم ٌ مضاء / أغار عليك ِ / إن كان طفلا فأسميه " أحمد " / يحبونني في المعسكر / أخرجي للتشمس / مدافعنا طيبة / لا تشربي الماء في العلب المعدنية / يقولون أني قتلت / صديقي يحب القمر / أخاف من الطائرات / أذكري صورتي جيدا كي أعود
*
تعلمنا الحرب ُ كيف يكون العدو صديق التعب
نخلع أحقادنا بانتظام . . .
نصافح أعداءنا بانتظام . . .
ونكتب أرقام هاتفه الخلوي على " دبشك " البندقية ، أسماء أطفاله الطيبين على علبة التغذية , و أخبارنا العائلية على كوة في السماء
المشاع . . .
نصدقه قائلا
" كنا سويا سويا نحب العصافير في أول الصبح تخرج من مقلتينا فنضحك و تخمش أحلامنا الريح والأغنيات ، يهرب من يدها كوكبٌ من يمام . . صاعدا في دمي , ارقص في مقلتيها ثلاثين عاما وانصحها بالجلوس على راحتيَ قليلا فتجلس وتحكي عن الأرض تلك التي لم تكن غير آثار من عبروا في الكتاب المقدس ولم يجلسوا في القلوب كثيرا كي لا يطيعوا الاله بصدق "
كان يصدقنا حين نقسم بالله
". . . لم نزل بشرا حانقين علي كل شيء ، مجبرين علي كل شيء و لكننا لم نزل بشرا صدقونا قليلا . . . كنا نحب الزغاريد في ثورة القمح أكثر مما نحب الحياة . . لذا لم نزل بشرا واقفا في المغبة نكرر أسماء أولادنا و نحب المساكين - ليس لشيءٍ - ولكن لان القلوب مهندسة ٌ للحنين و لا نتذكر أحلامنا التائهة - ليس لشيء ٍ - ولكن لان البلاد التي ألقت الروم والفرس في اليم والعاشق الجامعي علي الأعين الفاطمية تموت - مساءً - بلا صخب ٍ كاليتيم "
*
في الحرب ِ نفتح أزرار ستراتنا للهواء المحايد
أمام العدو / أمام العساكر / أمام الضجر
ونقتلهم كي يكونوا لنا ذكرياتٍ حميمية ٍ كالنواح . . .
في الحرب نعرف معنى الضحكْ
وكيف تكون لـ( آه ) المغني بحة صوت القتيل ، وان الجنازة باردة كالسلام . .
بنفس الطريقة نكره أشياء من تركوا خلفهم أمنيات، نطالبهم بالرحيل النهائي عن منظر الشجر المتكسر بين الأصابع وعن لفظة الشعر ِ عن مشهد المسرحية . نطالبهم بالرجوع وإحصاء ما تركوا من عويل وما اخذوا من حياة . . نطالبهم بالتوقف عن مغريات الشهادة وعن ترك أسماء أولادهم تتمشى علي أعين الأمهات
نطالبهم في الإذاعة نطالبهم في النكات بان يتوفوا قليلا كي نعرف الآن أسماء من ظل منهم وكي لا نراهم على كل شارع فتدخلنا الأغنيات الثقيلة .
*
تعلمنا الحربُ أن نكتفي بالمكسر
وأن نكره العلب المعدنية أكثر
أن نعشق الكتب المستعارة أكثر
أن نكتفي بالشريط الملون في شعرها و بالقدم الحافية
تبتلُ في الليل بالشائعات تسأل عن صحة الأم بعد الرحيل عن ضحكة البنت بعد الرحيل وعن وقفة العاشق الجامعي – بطول القصيدة – يداه تهزان صمت البلد
*
تعلمنا الحربُ أن نتسامح أكثر
- سيأخذ أعداءنا كل هذا النعاس ولن يتركوا في العيون السهر ! !
- لا يهم
- سيفرك صلصال عينيك َ هذا الوهن
- لا يهم -
ستضحك ُ - حين تعود كما الليل ِ مكتملا بالخطايا - لوجهكَ لا تعرفك
ْ- لا يهم -
سيرتعش الظل في مقلتيك وتعرف كم كنت أنت ولم تنتبه
- لا يهم . . لا يهم
*
في الحرب ِ . . .
ينكمش ( الآن ) أكثر
نصدق أسماء أعداءنا - أعداءنا الطيبون الغلاظ –
ونحفظ أعداد أحلامهم في القبور
نحاول أن نرسم الدرب بين السما والعيون
و أن نخبر القائد العسكري بأرقام أعناقنا
نخبر الأمهات بأعياد ميلادنا
نخبر الأرض أن تتخفف أكثر و أن تتحرك أكثر نحو العيال القدامى يمدون أرواحهم باتجاه المطر ، وان تتناسى تماما بكل حميمية ٍ ممكنة ضجة العسكريين , ياقات قمصانهم تتهدل شيئا فشيئا . . كي تصبح المستحيل وكي ينتهي كل شيء . . . كي ينتهي كل شيءٍ بصدق .







هناك 4 تعليقات:

Mist يقول...

يالله..أنا محظوظة صباح هذه الجمعة لاكتشافك
شعر وجمال والمزيد منهما

لن أُطيل..إلا أنّ (شاي المحارب)وصورته ذكراني بأطياف لـ(تقطيبة المحارب)..

غير معرف يقول...

العزيزة Mist

شكرا لمرورك

ا . محجوب

غير معرف يقول...

هل تذكر كم احببت هذا النص

واحببتك على اثره
خلف

غير معرف يقول...

انت كذاب يا صاحبي

انت لا تحبني

تحبها أكثر

وعيني ف عينك يا وغد


احمد