فاتحة
أشهدك اللهم أني أنشبت أظافري في باطن اليد مرتين طلبا للمطر و ثلاثا طربا بالتمهل حتى تناولتني سكرة العرفان بوجودها والتوحيد بها على رؤوس الأشهاد. ليعلم العالم أن علمه باطل مالم يكن من فيها و يشرب الجاهل مرارة الندم على سقوطه من رحمتها التي لا يحدها جاهل بقرب ولا يغرها من نفسها فرار اليدين إلى الأصابع .
ذلك بأن السيرة اكتملت
من الخفيف بن الخفيف
إلى الخفيف أخو الخفيف
سلام ٌ على قلبك من لذةٍ في وصال حتى تعلم أن العشق أكبر . و سلام ٌ عليك من الفجاءة وخير ما فيها أن غيرك فيها وشر ما فيها أن يوقظ العاشق فيك خشيته من الفوات .
فسلام ٌ عليك يا سليل التلصص و ساكن البين بين . يا خاسر الهناءة لأجل الهناءة . و حامل العلامات طوعا بلا طاعة وشوقا بلا وصل ولذة في تمام المذلة .
و سلام الله عليك يا كتلة العالم و دفينة ما بين ضدين في آن.
*
من الخفيف أخو الخفيف
إلى الخفيف بن الخفيف
........ ولما قال عارفنا " العشق أكبر " احتملت المكائد ساعتين.
وقلت في بالي
" سيدي و كابس الطين في حلقي . رغبت حتى انهزمت . و هنت حتى عدمت . و غبت حتى انتبهت فإذا المهل أبيض . وإذا الخلائق كلها كلها بين فرث ودم .
سيدي و قاطع أصلي..
بحق الجاه الذي لا أحتمل حلوله فيَّ ولا دلاله عني . وبسر الذي تمهل في المكيدة كي يعلمني الخسارة . و بأنك أنت أنت صانع الحصى والعيال و تاركني لمن لا يرضى بقرب ٍولا ينسى ببعد ٍ وليس يعفو عن مثيل .
متعني على طول الخسارة بالتوغل فيها و بلغني - بما تشكل في يديك من العوالم - لذة ما بين خطوتين " .
*
من الخفيف بن الخفيف
إلى الخفيف أخو الخفيف
يا عارف التمهل بي
و قابل اللذائذ من قبضتي في السكك .
يا خفيف . .
زال همي بفراغ أملك مما سواك . و اشتد عودي بما آلت إليه روحك من عماء ٍ لا يُحد . و زادني في المهل طمعا أن البدء منك و الخطو منك و الكسر منك و الحيرة – كيما تشف - رقراقة بين اليدين .
يا خفيف ..
لم يكن للخلق بد أن يضلوا . ولم يكن في الناس خيرٌ حتى يزل العاشقون جميعهم . فأنر لوجه الحق زلتك اليتيمة. ولترفع نشيجك المتوجس لآخر نقطة في العماء .
قل :
يا نفس توبي
يا نفس مالنا والأبيض
يترك الله اللذائد حائرة
كي يصلح العاشق شأنه بيديه
وكي لا يفتح العارفون مرارهم في الناس
يعفو عن كثير"
قل "
كنا عصيان في الوصل
شديدان في الوجد
قابضان على جمر التوحش بالحنو
و باسطان – بكل ما صنع المعزز للمعزز –
حسرة ً
لا تُحد . "
قل :
" كان اللمس ُ
أفضل ما لديّ
فحجبت ِ عني
ولو كان في الخطو خير ٌ
ما انتهى بي "
قل :
" أنا الخفيف أخو الخفيف
و القبض مني
إذا سألت انبهرت
و إن رضيت التوغل
كانت بلوتي عسلي
أنا الخفيف أخو الخفيف
و البسط مني
شجر إلى شجر
يحن
والقلب آسن
فلو كان لي أمل ٌ
لدوخت المكيدة ساعتين
ولو كان في الناس خير ٌ
كنت الدفينة . .
ما بين ضدين
أنا الخفيف أخو الخفيف
و البعد حدي
سببي أن المسيرة نفسها
وحشة السائرين فيها
و عنفواني
( لهفة ٌ وتمر ) "
قل :
أنا الخفيف أخو الخفيف
والسيرة اكتملت
فيا نفس توبي
كي تحرس العصافير نفسها
ولع العوالق بالمحب
وكي لا تضل المكائد بي
ألق السلام "
قل :
" بلا أمل ٍ
ترص اليمامات سيدها في السكك
بلا أمل ٍ
ترص الحبيبة نفسها في فوق الأصابع
بلا أمل
تبنى البداهة نفسها من نفسها
هنا
حظ الحسير من البداهة
شدة الرؤيا ، وبراءة العشاق من دمهم
ختم التوسل بالتوسل
و انفلات اللجام
هنا
موت البلاغة في تمام النص
هنا
والعشق منفرط ٌ
هنا
و الحبيبة تبتعد "
*
من الخفيف أخو الخفيف
إلى الخفيف بن الخفيف
سيدي و كاسر عيني . . .
رفيق التودد و التوحش والتمهل و الونس.
صانع البهجة للعصافير و كناس العوالم بالمكائد والعوالق بالرائعين فيها.
يهنأ بالي بنصحك الذي أودى بجملة ما في المسيرة من تلهف، و ما في الخطى من تأخر إلى خير مجلس ٍبين منزلتين . فلا قرب أجل من الخسارة ولا عز إلا في تمام المذلة.
و يصلح حالي أنك قد مسست العاشق بما لا يطاق و حفظت الحسرة في حسن الصنائع كي لا يطلبها حاسر ٌ إلا بحق . ولا يظهر من غيها في السكك إلا لطيف الإشارة .
فالشكر كل الشكر لصنيع يديك فيما جرت به اللطائف. و الشكر كل الشكر لأثرك في صفحة الطين ، لرفقك الذي تجلى و خسرانك الذي تفرد و لهفتك التي انفرطت فصار ما بيننا مدد المعزز للمعزز و براءة العشاق من فتنة ما بعد خطوين .
سيدي و قاصم ظهري . .
السيرة اكتملت .
من ساكن ٍ في عتبة
علمت َ الخلائق أن الهلاك حق .
ومن قبضةٍ في الريش
بينت َ لي :
" يا خفيف
خطأ التوحش أن التمهل آيه
و عز العوالق
أنها بالمحب "
فسلامي للخفيفين من كل شيء .
من الخلائق إذ تمنوا ، من المكيدة أن تضل ، من الرضا أن يستقر ومن العوالق أن تزول .
سلامي للعوالق أينما حلت .
على عتبة الدار و على مهل الخطى . في المسيرة و الخسارة و التوحش و الحنو.
وسلامي للمكيدة في كل آن .
حيث التورد حصة المذبوح من دمه . وحيث التردد والتأخر و التوغل و الرضا أصل التوحش و التهلف و الجهالة واللهاث.
و سلامي للحبيبة من كل شيء .
أن تطال و أن تعاد و أن تُملّ . أن تيمم وجهها شطر الخلائق أو تيمم وجهها شطري .
سلامي للحبيبة في كل شيء .
في كظم المرارة بالونس . وفي لهفة الغافل أن الهلاك حق
.
و سلامي على كل الحبيبة من كل شيء ..
أن تخاطب بالجهالة أو تجابه بالتوحش . و أن تخرج من عتبة الوصل حيث العصافير و الروح طوافتين إلى عتبة الدار حيث اليمامات يلمعن الدفائن ما بين ضدين ، ولا يقلن السلام .
و السلام
يصدر ديوان ( عن الخروج من الحبيبة - رسالة في البطء واللذة ) قريبا